حقوق الزوجة على زوجها:
كرم الإسلام الزوجة وبلغ بتكريمها الأوج حين جعلها مساوية للرجل لها عليه حقوق وواجبات مقابل حقوقها وواجباتها تجاهه. وبذلك سما الإسلام بالزوجة فجعلها شريكة للزوج مساوية له بعد أن كانت تعتبر كالعبيد في معظم الشرائع والنظم والعقائد السابقة للإسلام.
ولقد نظّم الإسلام حقوق الزوجة على أتم وجه ويمكننا تصنيفها تحت بندين, حقوق مالية وحقوق غير مالية.
حقوق الزوجة المالية:
أ – النفقة:
أوجب الإسلام النفقة للزوجة على زوجها والنفقة عبارة عن المأكل والمشرب والمسكن وسائر ضروريات الحياة, بل وأوجب لها الخادم وإن كانت منزلتها الاجتماعية تقتضي أن يكون لها خادم وكان الزوج موسراً. وقد قال تعالى في هذا: ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ..) سورة البقرة الآية 23.
وعن معاوية القشيري أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل رجل: ما حق المرأة على الزوج؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت, وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبّح – أي لا تقل لامرأتك قبّحها الله – ولا تهجر إلا في البيت "رواه أحمد وأبو داوود وابن ماجه"/3/.
فالزوجة غير مكلفة بالإنفاق على نفسها حتى ولو كانت غنية أو عاملة فلا تكلف بالإنفاق على نفسها مما تكسبه, ولا يحق للرجل أن يلزمها بالإنفاق على نفسها بل ولا يحق له أيضاً أن يتصرف بأي جزء من مالها دون رضاها.
ب – المهر:
أوجب الإسلام المهر للزوجة على زوجها والمهر هو: المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها حقيقة.
والحكمة من إيجاب المهر إظهار خطر عقد الزواج ومكانته وإعزاز المرأة وتكريمها. والمهر حق خالص للمرأة يمكن لها التصرف به بأي طريقة تشاؤها هي وليس لوليها ولا لزوجها أي حق فيه. قال تعالى: (وآتوا النساء صدقاتهم نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً..) سورة النساء الآية 4.
وقال أيضاً: (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً ..) سورة البقرة الآية 229.
ج – الإرث:
منح الإسلام المرأة حق الإرث بعد أن كانت تعد جزءاً من الميراث. قال الله تعالى: (للنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مّما قلّ منه أو كثر نصيباً مفروضاً) سورة النساء الآية 7.
فللزوجة حق الإرث مما يتركه زوجها حال وفاته, فلها الربع في تركته إن لم يكن له ولد فإن كان له ولد فلها الثمن مما ترك ويجدر بنا هنا أن ننّوه إلى أن نصيب المرأة في الميراث هو على النصف من نصيب الرجل: (للذكر مثل حظ الأنثيين ..) سورة النساء الآية 11.
وليس هذا بتفضيل للرجل على المرأة بل هو ضرورة قائمة على أساس التفرقة بين أعباء الرجل الاقتصادية في الحياة وأعباء المرأة .فمسؤولية الرجل, من الناحية المادية أوسع كثيراً من مسؤولية المرأة فالرجل هو المكلف بالإنفاق على الأسرة هو ربها والقوام عليها ,على حين أ، المرأة زوجة كانت أم بنتاً , ليست مكلفة بالإنفاق لا على نفسها ولا على غيرها. وبذلك نصل إلى نتيجة مفادها أن الإسلام قد بلغ أوج العدالة والحكمة حين جعل للمرأة نصف نصيب الرجل من الميراث . بل ويمكننا القول : أن الإسلام قد بلغ في تكريم المرأة فلم يسلك معها سبيل العدل فقط بل وفوق العدل ,حين جعل لها نصف نصيب الرجل من الميراث مع إعفائه إياها من أعباء المعيشة وإلقائها جميعها على كاهل الرجل ولا تقتصر حقوق الزوجة المالية على هذه الحقوق, إذ هي حقوق خاصة في حالة كونها زوجة, بل لها بالإضافة إلى هذه الحقوق حقوق أخرى كانت مقررة لها قبل الزواج, وتصطحبها معها إلى ما بعد الزواج وهي الحقوق المدنية المالية التي ذكرت ضمن حقوق المرأة بوجه عام. فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة وثروتها الخاصة وذمتها المالية.
وهي في كل هذا مستقلة عن شخصية زوجها وثروته وذمته المالية ولا يحل للزوج التصرف في أي شيء من أموال زوجته دون رضاها وإذنها. وبذلك تظل المرأة بعد زواجها محتفظة باسمها واسم أسرتها وبكامل حقوقها المدنية وبأهليتها في تحمل الالتزامات وإجراء مختلف العقود من بيع وشراء وهبة ووصية ومحتفظة بحقها في التملك كاملاً مستقلاً عن غيرها, ولها كل هذا دون اعتبار لإذن الزوج ولا لرضائه.